الحب؛ تلك الكلمة الصغيرة التي تحمل في باطنها أجمل المشاعر والمعاني التي تمنح من يشعر بها قوة ومتعة وكأنه يملك العالم، ولكن الحب في الوقت ذاته يمنح في لحظات الكثير من الألم والدموع والتي تضر بنا على نحو كبير.
الاختصاصية النفسية والمستشارة كارمن هارا ، تبين أن كوننا بشرا يعني أننا نتمتع بمشاعر لا يمكن التنبؤ بها وهي أشبه بمد وجزر خصوصا فيما يتعلق بالعواطف التي تتداخل مع المنطق، فالإنسان يتعاطف مع من يحب، ذلك الشخص الذي نشاركه كل ليلة مشاعرنا ومحادثتنا وأجمل لحظاتنا ومن نمنحه اهتمامنا اللامحدود.
ولكن عيبنا الوحيد وسط هذه المشاعر الجميلة هو الإغداق في العواطف، ما يجعلنا نهمل الحقيقة الكامنة في أنه ليست كل العلاقات التي نخوضها يعني أنها ستدوم الى الأبد، فبعضها سيدوم ولكن البعض الآخر محكوم عليه بالنهاية عند حد معين. ولكن ذلك الانجذاب القلبي يدفعنا لتوسعة علاقات مؤقتة، معتقدين أنها ستدوم.
ولكن كيف نحدد طبيعة ونوع هذا الحب، وهل سيحق أن نقاتل من أجله. وكيف يمكننا التحقق من علاقتنا لفهم إطاره الأكبر في حياتنا؟
تصنيف العلاقة الخاصة بنا بشكل صحيح هو قرار يجب على كل واحد منا أن يتخذه بناء على احتياجاته ورغباته الفردية، ومن هنا تتواجد 4 أنواع لعلاقات الحب، وكل واحدة منها تخدم غرضا فريدا من نوعه وتسهم في تطويرنا وتحسين حياتنا. وقد نختبر واحدة من هذه العلاقات خلال حياتنا أو قد نمر بها كلها، ولكنها تعتمد على التفاعل بين مصيرك وقدرك وبين إرادتك الحرة. والخصائص الآتية لأنواع علاقات الحب تسهم في كسب الوعي بمكانة الحب الحقيقي الخاص بك:
-الحب "الكارما"، وهو من أقوى أنواع الحب، وقوته وتأثيره الكبير ينعكسان علينا، فهو حب مفعم بالحيوية وحيوي يترجم في كل أعمالنا سواء كانت سيئة أو جيدة. والكارما في الحب لديها سمعة قوية تبنع من اسمها وقوتها؛ فالعلاقات المبنية على الكارما دائما ما تتخذ شكلا من أشكال الإجراءات التي يجب أن يقوم بها الزوجان وكسر النمطية والروتين في العلاقة، وهي أبدا ليست علاقة نمطية أو مكررة،
ولكن حين يذهب سحر الكارما في هذا النوع من علاقات الحب، تنتهي العلاقة من تلقاء نفسها وكأنها أدت هدفها؛ حيث يصل المرء لمرحلة أنه لم يعد يجد ذلك التوق والحب في شريكه، وكأن كل لهيب حبهما قد خفت وعلاقتهما باتت روتينية مملة وكأنه واجب، حينها يدرك كلا الطرفين أن ما بينهما قد بهت وخفت نجمه.
والمشكلة في هذا النوع من الحب أنه قد يستغرق وقتا طويلا، وحين يحصل يجد المرء نفسه في حاجة للخروج من الحب والانفصال والبعد لا يكون سهلا لأنه يسبب الكآبة لكلا الطرفين، ويمتاز هذا الحب بأنه يرفع مستوى الوفاء لأنه يستمر ويدوم لفترة طويلة.
- العلاقات التوفيقية، وهي أكثر أنواع علاقات الحب شيوعا، وترتكز على الشريكين وراحتهما والأفضليات لديهما مثل الرغبة في الاستقرار أو العاطفة، وهي علاقات تهدف لوضع حد لروتين مستمر بحيث بات كلا الطرفين متآلفا ومدركا لصفات الآخر ويجدان الراحة فيما بينهما.
وهي أشبه بتسوية بين الطرفين، كلاهما يحتاج لما يملكه الآخر ويكمله وقد لا يشعر كل من الطرفين في الوقت ذاته بأنه يكمل الآخر بالحب أو العاطفة، ولكن حاجتمها لبعضهما بعضا تتجاوز ذلك. وكونها تستند لحل وسطي يبقى أحد الطرفين عالقا في منطقة الوسط. وهذا النوع من العلاقات يسبب الأذى على المدى البعيد وقد يعاني أحد الشريكين بصمت كي لا يزعج الآخر في منطقة راحته، وتكون طبيعة علاقتهما أقرب إلى صديقين وبعضهما يستمر مدى الحياة في روتين ولو كان أحدهما غير راض، ونادرا ما يقرر أحدهما المغادرة أو إنهاء العلاقة كونه يجد نفسه مرتاحا فيها.
- العلاقات الحنونة، المفعمة بالحنان والحب والحساسية وتلك الروحية والحساسة التي تتعمق وتتجاوز الألفة البدنية وحتى العاطفية. وهي قليلة الحدوث وتدوم للأبد، تحمل داخل طياتها مفهوم توأم الروح، وهي تتميز بالاتصال المكثف والعميق بين الطرفين. وحين تتواجد هذه العلاقة يكون التواصل بين الطرفين عميقا والطرف الأول يكمل الطرف الثاني بكل شيء حتى بالعبارة التي يبدأها أحدهما تجد الآخر يكملها. ويكون هؤلاء العشاق شريكين وصديقين وحبيبين ويتحديان العالم بقوة مشاعرهما. وحين يجد بعضهما الآخر يكونان أشبه بقطعة مفقودة من لغز وجدت القطعة المفقودة ومهما واجها من مشاكل على المدى البعيد لديهما القدرة على تجاوزها وحل المواضيع لأنها لا تشعر أحدها بأنه ملتزم لحلها بل لطبيعة المشاعر التي تتجاوز أي خلاف وترفض البعد والقطيعة بينهما مهما كانت صغيرة.
خلاصة القول إن علاقات الحب تلعب دورا رئيسيا في حياتنا، ومهما كانت صعبة لابد من إدراك الغاية من كل علاقة تقرر خوضها ولا تحزن إن لم تستمر فهي لم يقدر لها ذلك، ولا تفقد الأمل ولكن يجب أن تكون واعيا بقدر كاف لتقييم صحة العلاقة كي تجعلها قادرة على النمو والبذل والعطاء لتحدث فرقا في حياتك وحياة الطرف الآخر بطريقة ايجابية.
المصدر: جـريـدة الـغـد